المرأة والطفل

ملتقى المراة بالجامع الأزهر

: كتب/ د عبدالعزيز السيد

التبصُّر والتدبر في صنع الله تعالى يضبط السلوك الإنساني ويساعد على بناء شخصيَّة الفرد وينفع المجتمع

القيم الجمالية تحفظ للمجتمع بقاءه واستمراريته وتماسكه وتحدد له الأهداف ومُثُلَه العليا ومبادئه الثابتة

القيم الأخلاقية لها دور بارز في تحديد أَنسنة الإنسان وتحوله إلى كائن مفيد لنفسه وللمجتمع بدلا من الوحشية والحيوانية

لا حياة أخلاقية بلا قيم إنسانية سواء أكانت روحية أم أخلاقية أم جمالية

قالت الدكتورة فريدة محمد علي، عميد كلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنات جامعة الأزهر الشريف بالقاهرة، إن القيم الجماليَّة في البيية المحيطة بالإنسان تحقق أكبر وجه من الارتباط والتكامل في العلاقة التي تربط الأشياء ويدركها في مجال رؤيته، مضيفة أنها تعود بالنفع على النظام العام والمجتمع، وتساعد على الاهتمام بنظافة الجسم والثياب والمسكن والبيئة.

وأضافت عميدة كلية الدراسات الإسلامية بنات ، خلال الندوة التي يعقدها الجامع الأزهر الشريف، ضمن البرامج الموجهة للمرأة والتي تعقد أسبوعيا ، تحت رعاية فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر ، وبتوجيهات الدكتور محمد الضويني وكيل الأزهر ، ومتابعة وإشراف الدكتور عبد المنعم فؤاد المشرف العام على الرواق الأزهري ، والدكتور هاني عودة مدير عام الجامع الأزهر، أن التبصُّر ببديع صنع الله ودقَّة صنعته، والقيم الجماليَّة تسهم في تشكيل الضمير الوازع الداخلي الذي يكون ضابطًا للسلوك الإنساني، وتساعد في بناء شخصيَّة الفرد، فتؤثر وتتأثر حسب اهتماماته وميوله الشخصية، وتساعده في تغيير المعتقدات الخاطئة والعادات، وتساعده على التفكير بشكل صحيح.

وتابعت أستاذ البلاغة، أن للقيم الجمالية مجالات متعددة منها، أن الجمال الكوني، يكون في تدبر آيات الكون ومظاهره الطبيعية ، والجمال الإنساني مثل جمال المظهر والملبس، وجمال السلوك وجمال القول والأخلاق، والجمال الفنِّي، ويشمل جمال الطبيعة بكل ما فيها، فالقيم الجمالية تحفظ للمجتمع بقاءه واستمراريته وتماسكه، فتحدد له الأهداف ومُثُلَه العليا، ومبادئه الثابتة والمستمرة.

وأوضحت أنَّ القيم الجمالية متصلة بالتذوق الجمالي، ولذا ينبغي غرس كل ما هو جميل في نفوس الناشئة، وذلك يحتاج إلى تضافر الجهود من خلال المؤسسات التربوية والدينية، والاجتماعية والثقافية والإعلامية، كل من موقعه ومسؤوليته، مصداقًا لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «كلكم راعٍ، وكلكم مسؤول عن رعيته».

من جانبها أكدت الدكتورة أوصاف عبده – أستاذ ورئيس قسم العقيدة والفلسفة بكلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنات بالقاهرة، على أهمية القيم بوجه عام في أَنسنة الإنسان وتحوله إلى كائن مفيد لنفسه وللمجتمع بدلا من الوحشية والحيوانية، فلا حياة أخلاقية بلا قيم إنسانية سواء أكانت روحية أم أخلاقية أم جمالية.

وتابعت د.اوصاف: من أنواع القيم التي يجب أن ينهل منها الإنسان ليكتمل دوره في الحياة؛ القيم الروحية والأخلاقية والجمالية، ولكل واحد منها دوره ووظيفته في الحياة وبناء المجتمع وعمارة الأرض، وتحفيز الإنسان على السلوك الإيجابي ، مما يؤثر على نفسه وعلى المجتمع، موضحة أهم نتائج الإلتزام بهذه القيم وأثرها في بناء الفرد والمجتمع وعمارة الأرض .

من جهتها قالت الدكتورة حياة العيسوي، إن حسن الأخلاق من صفات الكمال، ولذا كمّل الله تعالى بها نبيه صلى الله عليه وسلم فكَانَ أَحْسَنَ النَّاسِ خُلُقًا كما قال أنس رضي الله عنه، وقد لازمه عشر سنوات في خدمته فهو من أعلم الناس به.. ومن جميل العشرة، وحسن الخلق، تحري الأدب مع الناس، وإذا كان البر يبذل للوالدين، والصلة تكون للرحم، وحسن العشرة يصرف للزوج والولد؛ فإن الناس يسعهم التأدب معهم في القول وفي الفعل.

وأضافت : من أدبه صلى الله عليه وسلم مع الأطفال، أنه كان لا يهدر حقهم بحضرة الكبار كما في حديث سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُتِيَ بِشَرَابٍ، فَشَرِبَ مِنْهُ وَعَنْ يَمِينِهِ غُلاَمٌ وَعَنْ يَسَارِهِ الأَشْيَاخُ، فَقَالَ لِلْغُلاَمِ: “أَتَأْذَنُ لِي أَنْ أُعْطِيَ هَؤُلاَءِ؟”، فَقَالَ الغُلاَمُ: لاَ وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، لاَ أُوثِرُ بِنَصِيبِي مِنْكَ أَحَدًا .

وتابعت: وقد أرسل الله سبحانه رسوله محمد ﷺ رحمة للعالمين يقول الله تعالى: ﴿وَمَاۤ أَرۡسَلۡنَـٰكَ إِلَّا رَحۡمَةࣰ لِّلۡعَـٰلَمِینَ﴾، حيث علمنا من خلال أوامره ووصاياه كيف نرعى هذه المخلوقات ونرحمها ونتقى الله تعالى فيها، فقال ﷺ: “الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء”، ولقد أمر الناس أن ينفقوا على دوابهم ما تحتاج إليه، وأنذر ﷺ بأن من يتسبب في موت حيوان جوعاً أوعطشاً يعذبه الله في نار الجحيم.

واستشهدت بحديث رسول الله ﷺ: “عُذبت امرأة في هرة سجنتها حتى ماتت فدخلت فيها النار لا هي أطعمتها ولا تركتها تأكل من خشاش الأرض”. متفق عليه، وكذلك أمر الناس أن يعتنوا بالحيوانات التي هي في حاجة إلى عنايتهم، فأخبر عن شخص غفر الله له ذنوبه لأنه سقى كلباً فأنقذه من الموت عطشاً، قالوا: يا رسول الله وإن لنا في هذه البهائم لأجراً؟ فقال: “في كل كبد رطبة أجر” .

ولفتت إلى ما روي عن رسول الله ﷺ أنه قال: بينما رجل يمشی فاشتد عليه العطش، فنزل بئراً فشرب منها، ثم خرج فإذا كلب يلهث يأكل الثرى من العطش، فقال: لقد بلغ هذا مثل الذي بلغ بی. فملأ خفه، ثم أمسكه بفيه، ثم رقي وسقى الكلب، فشكر الله له فغفر له، قالوا: يا رسول الله وإن لنا في البهائم لأجراً؟ قال: “في كل كبد رطبة أجر”

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى