عيب في حق مصر أم شرف لها ؟؟؟ عجائب عبدالقدوس
بقلم الصحفى الكبير / محمد عبدالقدوس
العديد من القراء والأصدقاء أخذتهم الدهشة عندما قرأوا مقالي الأسبوع الماضي عن أعجوبة مصر “يحي باشا إبراهيم” الذي هدموا قبره في الإمام “الشافعي” ..
وسر دهشتهم ليس في هدم قبره ، فهذا أمر نراه منذ مدة ويرفضه كل من يحب بلدنا ..
والإعتداء على حرمة الأموات عيب في حق مصر بالإضافة إلى أنه يتنافى مع تعاليم الدين ..
ومفيش حد يرضى بهدم قبر أهله ابتداءً من رئيس الجمهورية وحتى الغفير !!
واصدقائي الذين يحرصون على متابعتي ـ شكراً لهم ـ تعجبوا جداً من المصري الأعجوبة الذي ذكرته وهو “يحي باشا إبراهيم” رئيس الوزراء .. الذي أجرى أول إنتخابات حرة في تاريخ مصر كلها وسقط فيها وفاز عليه محام مغمور مع أنه رشح نفسه في بلدته .. ووسط أهله وعشيرته ! وهذا سر دهشتهم ..
إزاي رئيس وزراء يسقط في الإنتخابات ؟؟
والأمر الثاني الغريب جداً أن الغالبية العظمى من هؤلاء لم يسمعوا من قبل عن هذا الإسم: “يحي باشا إبراهيم” ، ولا يعرفون أنه سقط في الإنتخابات وهو أعلى رأس في الدولة بعد الملك ..
فهذه معلومة جديدة عليهم يعرفونها لأول مرة !!.
إزاي اختفى من التاريخ المصري مع أنه أعجوبة عصره وكل عصر أيضاً !!
وفوجئت بأحد قرائي يرسل لي قائلا: إعجابك بهذا الرجل يدخل في دنيا العجائب !! لأن سقوطه في الإنتخابات دليل أنه راجل خايب !!
وعيب في حق مصر كلها أن يسقط رئيس الوزراء لأن هذا دليل أنه غير كفء في منصه بدليل أن الناس أسقطته عندما حانت أول فرصة !!
وأرد عليه قائلا: العكس تماماً هو الصحيح يا سيدي .. رسوب أكبر رأس في الدولة ليس عيب في حق بلادنا بل هو شرف لها ومن حق الأجيال أن تفتخر به .. لأنه يعني أن الإنتخابات التي أجريت كانت حرة تماماً وسقط من أجراها .. يعني مصر في ذلك الوقت كانت متقدمة على كل جيرانها العرب وأفريقيا التي كانت تعيش في الظلمات بل والعديد من دول العالم المتحضر ، فهذا الحدث لا نراه إلا استثناء في العالم كله ..
وبعد أيام بإذن الله أقدم لك مفاجأة ضخمة في هذا الموضوع .. سياسي أوروبي قاد بلاده في أسوأ الظروف والأوضاع وكان رئيساً للوزراء ملء السمع والبصر في العالم كله .. وبعد إنتصاره سقط في أول إنتخابات .. وقال له شعبه: دورك انتهى .. بناء البلد من جديد بعد المصائب التي توالت عليها يحتاج إلى أناس آخرين غيرك !!
ورسوب قائد النصر مفاجأة كبرى لم تخطر على بال أحد أبدا .. لكن هكذا الشعوب المتحضرة .. ترفض تأليه أي حاكم وأن يستمر في الحكم إلى مالا نهاية مهما كانت إنجازاته .. بل التغيير سنة الحياة في هذه الدول.
وإذا سألتني أخيراً: ليه “يحي باشا إبراهيم” أعجوبة مصر ماحدش سمع عنه من قبل !
والغالبية العظمى من أبناء بلدنا تجهله ..
ويا صاحب هذا السؤال حضرتك بذكائك تستطيع أن تعرف الإجابة .. فالإنتخابات التي أجراها أعجوبة مصر ورسب فيها كانت استثناء تماماً في حريتها ونزاهتها .. لأن الغالبية العظمى مزورة ولا تعبر عن إرادة الشعب من زمان قوي .. والحزب الحاكم ومن يترشح على رأس الدولة لابد أن يكتسح الإنتخابات ويفوز بأصوات الأحياء والأموات معا !!
ولم يحدث أبدا أن فاز حتى بأغلبية ضئيلة فهذا عيب قوي في حقه مع أنه في نظري شرف له ولمصر كلها ، وطبيعي بهذه العقلية الإستبدادية أن يسقط أعجوبة مصر من التاريخ المصري.
محمد عبدالقدوس