مصر تطرح رؤيتها حول استخدام الذكاء الإصطناعي في أعمال المراجعة ضمن فعاليات الإنكوساي 25 بشرم الشيخ

الصافى عبدالله
في اليوم الثاني من أعمال المؤتمر الخامس والعشرين للمنظمة الدولية للأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة (الإنتوساي)، افتتح المستشار محمد الفيصل يوسف، رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات ورئيس منظمة الإنتوساي، الجلسة العامة الخاصة بالموضوع الفني الثاني بعنوان «استخدام الذكاء الإصطناعي في أعمال المراجعة»، وهو الموضوع الذي تتولى مصر رئاسته وعرضه أمام المشاركين تقديراً لأبعاده الإستراتيجية ودوره المتنامي في تطوير العمل الرقابي وتعزيز أثره على إدارة المال العام.
وأكد المستشار محمد الفيصل في كلمته الإفتتاحية أن اختيار هذا الموضوع جاء بالتنسيق مع الأمانة العامة للإنتوساي، مشيرًا إلى أن الذكاء الإصطناعي أصبح رافعة رئيسة لتحسين كفاءة المؤسسات وشفافيتها، وأن الأجهزة العليا للرقابة تقف اليوم أمام مسؤولية تاريخية لإعادة ابتكار منهجيات المراجعة بما يتيح الإستفادة من قدرات التحليل المتقدم وأتمتة الإجراءات وتجويد الحكم المهني، مع الحفاظ على القيم الأساسية للمهنة من نزاهة واستقلالية ومساءلة.
وأوضح رئيس الإنتوساي أن “الذكاء الإصطناعي ليس بديلًا عن المراجع البشري، بل شريك مساند يوسع نطاق الرصد والتحليل ويكشف الأنماط الخفية، داعيًا إلى تبني النموذج الهجين الذي يمزج بين خوارزميات الذكاء الإصطناعي وخبرة المراجع البشري لضمان التفسير السليم للنتائج وثبات معايير العدالة والشفافية”.
وقد طرح المستشار محمد الفيصل يوسف إطارًا متكاملًا للعمل الرقابي بالذكاء الإصطناعي، يتضمن ستة محاور رئيسة تشمل:
وضع سياسات واضحة تحكم استخدام الذكاء الإصطناعي وفق مبادئ النزاهة وحماية الخصوصية وعدم التمييز.
تعزيز سيادة البيانات وبناء مستودعات آمنة قابلة للتكامل مع الجهات الخاضعة للرقابة.
إدماج تقنيات التعلّم الآلي والتحليلات التنبؤية في مراحل المراجعة كافة.
إعداد برامج تدريبية متخصصة للمراجعين تجمع بين الكفاءة المهنية والمهارات الرقمية.
اعتماد ضوابط دقيقة لتقييم نماذج الذكاء الإصطناعي ومراجعة أدائها بشكل دوري.
دعم منصات تشاركية داخل مجتمع الإنتوساي لتبادل الأدوات والممارسات الفضلى.
وأشار رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات إلى أن مكاسب هذا التحول الرقمي تشمل توسيع نطاق التغطية الرقابية، وتحسين دقة تقييم المخاطر، وتسريع إنجاز الأعمال دون المساس بجودة الحكم المهني، مع تعزيز الشفافية والمساءلة العامة.
وشارك في الجلسة كل من: كارل إيريك بيدرسون رئيس المكتب الوطني للمراجعة بالنرويج، و جاريث ديفيز المراجع العام للمملكة المتحدة، و نانسي جاتونجو المراجع العام في كينيا، والدكتورة هيلين مارجتس من جامعة أكسفورد ومعهد آلان تورينج بالمملكة المتحدة، والسيد بيجاي كومار موهانتي من الجهاز الأعلى للرقابة بالهند، و أحمد القرشي من ديوان المحاسبة السعودي، و جان روار رئيس علماء البيانات بالجهاز الأعلى للرقابة بالنرويج.
وشملت الجلسة استعراضًا لتجارب الدول في هذا الشأن، حيث عرضت المملكة المتحدة تجربتها في توظيف التقنيات الذكية لإكتشاف الأنماط الشاذة في التدقيق المالي، وقدمت الهند نموذجًا متطورًا لإستخدام الذكاء الإصطناعي في تقييم الأداء الحكومي، بينما ركزت النرويج على وضع الذكاء الإصطناعي نفسه موضوعًا للرقابة ضمن أطر الحوكمة والشفافية، واستعرضت كينيا تجربتها في بناء القدرات وتحسين جودة البيانات، فيما قدمت المملكة العربية السعودية تطبيقات عملية ناجحة لدمج الذكاء الإصطناعي في بيئات العمل الرقابي.
واختتم رئيس الإنتوساي كلمته بالتأكيد على أن ما شهدته الجلسة يعكس رؤية عالمية مشتركة ترى في الذكاء الإصطناعي ركيزة لتطوير المراجعة العامة وتحقيق حوكمة أكثر انفتاحًا وموثوقية، موجهًا الشكر إلى جميع المشاركين والمتحدثين على ما قدموه من إسهامات معرفية أغنت النقاش وأسست لأرضية مشتركة يمكن البناء عليها في المستقبل، كما خص بالشكر السيد كارل إيريك بيدرسون على إدارته المتميزة للجلسة النقاشية.




