اخبار مصرتنمية بشريةتنمية مستدامة

«نيل واحد – عائلة واحدة».. رسالة المجتمع المدني المصري للعالم في اليوم الدولي للأنهار

خبراء: إثيوبيا تضرب بمبادئ الإدارة المشتركة لموارد نهر النيل عرض الحائط

في مشهد رمزي يحمل الكثير من الدلالات، احتشد ممثلو منظمات المجتمع المدني أعضاء المنتدى الوطني لحوض النيل داخل قاعة نقابة الصحفيين بالقاهرة، لإطلاق صرخة تحذير في «اليوم الدولي للأنهار»، مؤكدين أن قضية نهر النيل لم تعد ملفاً تفاوضياً بين الحكومات فحسب، بل باتت معركة وعي ووجود، تتشارك فيها الشعوب قبل الأنظمة، دفاعاً عن الحق في الحياة والمياه والتنمية المستدامة.
البيان الصادر عن المنتدى الوطني لحوض النيل جاء واضحاً في نبرته: «أديس أبابا أقدمت على خطوة أحادية بقرارها تشغيل سد النهضة»، دون تنسيق أو موافقة مع دولتي المصب، في مخالفة صريحة للقانون الدولي، واتفاق إعلان المبادئ الموقع في 2015، وكذلك البيان الرئاسي الصادر عن مجلس الأمن في سبتمبر 2021، هذا السلوك، كما وصفه المجتمع المدني المصري، يمثل إصراراً على سياسة فرض الأمر الواقع، ويقوض أسس التعاون الإقليمي، التي أرستها مبادرة حوض النيل منذ أكثر من عقدين، والتي تقوم على مبادئ المشاركة والشفافية والانتفاع المنصف للموارد المشتركة.
الدكتور عماد الدين عدلي، رئيس المنتدى الوطني لحوض النيل، استعاد خلال الندوة، صورة لا تزال عالقة في الأذهان منذ مارس 2011، عندما وقف ممثلو شعوب دول حوض النيل يرفعون أياديهم بشعار «نهر واحد.. عائلة واحدة»، وشدد على أن مصر لا ترفض التنمية في إثيوبيا، أو غيرها من دول حوض النيل، لكنها ترفض أن تتحقق هذه التنمية على حساب الأمن المائي لمصر والسودان، مؤكداً أن هناك بدائل فنية وتكنولوجية كان يمكن أن تحقق الهدف الإثيوبي من توليد الكهرباء، دون الإضرار بحقوق الآخرين.
التحذيرات لم تقتصر على الجوانب السياسية والقانونية، بل امتدت إلى قراءة فنية دقيقة لسيناريوهات تشغيل السد، حيث حذر الدكتور طارق وفيق، وزير الإسكان الأسبق، من أن المخاطر على مصر والسودان ليست احتمالية، بل مؤكدة، سواء في سنوات الفيضان حين يتم حجز كميات ضخمة من المياه، أو في سنوات الجفاف عندما يُستخدم التخزين كورقة ضغط.
أما الدكتور يسري خفاجي، خبير الموارد المائية والمتحدث السابق لوزارة الري، فقد شرح آلية توليد الكهرباء من السد، موضحاً أنه كان بالإمكان الاكتفاء بسعة أقل تحقق نفس الغرض، دون تهديد لتدفقات النهر، كما كشف عن خطط إثيوبية لبناء ما بين 5 إلى 9 سدود أخرى على النيل الأزرق، بما يعني قدرة تخزينية هائلة، قد تخنق مصر مائياً في فترات الجفاف، وهو ما وصفه بالخطر الاستراتيجي الأبرز.
الندوة ناقشت كذلك التأثيرات البيئية والهيدرولوجية لتشغيل السد الإثيوبي بقرار أحادي من جانب أديس أبابا، حيث حذر الخبراء من تدهور النظم البيئية والزراعية، وارتفاع معدلات التصحر، وتراجع إنتاج الغذاء، فضلاً عن احتمالية انهيار منظومات معيشية كاملة لملايين المزارعين على ضفاف النهر.
الدكتورة هالة يسري، أستاذ علم الاجتماع، ربطت بين البعد البيئي والاجتماعي، مؤكدة أن الأمن المائي ليس مجرد مسألة موارد، بل قضية استقرار اجتماعي وسياسي، وأشادت بدور المنتدى الوطني لحوض النيل في توعية الرأي العام، محذرة من محاولات تضليل المجتمع الدولي بادعاءات إثيوبية حول «السيادة المطلقة» على النيل الأزرق، وهو ما وصفته بأنه خلط متعمد بين السيادة الوطنية، والموارد العابرة للحدود.
وإدراكاً لأهمية القوة الناعمة، أعلن المنتدى عن تشكيل لجنة إعلامية متخصصة تكون بمثابة الذراع الإعلامية الداعمة للموقف الرسمي المصري، كما أوصت الندوة بالعمل على تعزيز التعاون بين المنتدى الوطني لحوض النيل ووزارتي الخارجية والموارد المائية والري، بحيث يمثل المجتمع المدني جبهة موازية تدعم التحرك الدبلوماسي، وتفتح قنوات للتواصل مع نظرائه في دول الحوض.
البيان الصادر عن المنتدى، في ختام الندوة، أكد بشكل واضح أن «مصر تحتفظ بحقها الكامل في اتخاذ كافة الإجراءات التي يكفلها القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، لحماية أمنها المائي»، لكن الرسالة الأبرز جاءت بصوت المجتمع المدني: «النيل ليس ملكاً لدولة بعينها، بل هو شريان حياة لعشر دول وشعوبها، وأي محاولة لتوظيفه في حسابات سياسية ضيقة، ستقود المنطقة إلى تهديدات وجودية غير مسبوقة».
وأعاد المنتدى الوطني لحوض النيل، في البيان الذي أصدره من داخل نقابة الصحفيين، تزامناً مع «اليوم الدولي للأنهار»…

تم نسخ الرابط بنجاح!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى